الفصل 50 - رواية أربعة في واحد

50- خمسين

مش لاقياله اسم، أنا في اسماء البارتات ماعنديش يا أما ارحميني طبعًا وأنتوا عارفين الكلام ده كويس 😂

المهم وحشتوني ❤️


في يومهم السابع كان قيس قد ضاع ذرعًا ونهض ينطق من تحت أسنانه بنبرة منخفضة لكي لا يسمعه الحراس بالخارج "إحنا هنفضل محبوسين يعني لحد إمتى؟"


لم يجيبه أحدهم فوضع يديه في خصره ليكمل "ما تيجوا نهرب، هي كدا كدا خربانة وشكلنا هنتحبس."


صمت ثلاثتهم ونظروا لبعضهم وكأنهم يفكرون وكان أدهم هو أول من سأل "هنهرب إزاي؟"


ليجيبه قيس بثقة تامة "إحنا نحفر نفق ونهرب منه، ما فيش حل غير ده زائد إن أي حد مسجون عايز يهرب بيحفر نفق."


ليوافقه أدهم فورًا "صح أنا شوفتها في مسلسل بريزون بريك وفيلم تاني، بس دي هتحتاج بتاع عشرين سنة كدا!"


نظر قيس يمينّا ويسارًا يستكشف جدران الزنزانة ثم نفى برأسه "ياض عشرين سنة لما نبقى في سجن جامد، إنما ده قسم الدقي! إحنا خلال يومين حفر هنهرب."


"هنحفر بإيه طيب؟"


"أنا خبيت معلقتين من اللي دخلوهم من غير ما العسكري ياخد باله، ممكن نستخدمهم."


كان هشام يتابع ذلك النقاش الغبي بفكٍ ساقط وكأنه لا يستوعب أن هاذان المغفلان يصدقان ما يقولا فعلا!


وضع أحمد يديه على وجهه وهو يتمتم بيأس "يا رب صبرني، أنا تعبت."


تحرك قيس ليجلب الملعقتين من المكان الذي خبئهما فيه وعاد ليعطي أدهم ملعقة فنظر لها أدهم بحاجبين مقطوبين لأنه وجدها ملعقة شاي صغيرة ثم نظر لملعقة قيس الكبيرة ونطق بغيظ "إشمعنى أنا أخد المعلقة الصغيرة؟!"


"عشان أنا صاحب الفكرة وأنا اللي خبيت المعلقتين!"


"ماليش دعوة أنا عايز المعلقة الكبيرة، الصغيرة دي مش هعرف أحفر بيها!"


وبنبرة طفولية متحدية صمم الآخر "المعلقة الكبيرة دي بتاعتي ومش هديهالك." فتقدم أدهم محاولًا نزعها منه بالقوة في حين نظر هشام لأحمد وصرخ "أنت بجد قاعد تتفرج عليهم؟"


قلب الآخر عينيه وسخر "إتنين معاتيه، أعملهم إيه؟ سيبهم هما هيضربوا بعض وهيسكتوا، أنا مش ناقص!"


نهض هشام ليسلك بينهما ليجد أدهم يصيح وهو يصفعه بالخطأ "ياض هات المعلقة ما تبقاش بغل."


لكمه هشام فورًا وصرخ عليه "جات فيا أنا يا جحش!!!"


ليفاجئ بقيس يركله من الخلف "والله لو هتموت هنا مش هديك المعلقة الكبيرة، وبعدين هي الصغيرة دي على قدك أصلًا."


استدار هشام لقيس محاولًا ضربه هو الآخر لكن أدهم أمسك بسترته من الخلف وصرخ على قيس في أذن هشام "قصدك إيه يالا؟"


وضع هشام يده على أذنه ودفع أدهم عنه فسخر قيس "قاعد بتتأمر وعايز تاخد المعلقة الكبير، مش كفاية دخلنا السجن أصلًا بسببك؟"


توسعت أعين أدهم وصرخ عليه "بسببي برضه يا بتاع دينا الحولة يا معفن؟!"


"أيوة بسببك يا أبو عين زايغة، واتاريك كنت قاعد تقولنا أنا حاسس إننا هنتخزوق، طلعت عشان أنت أصلًا اللي هتخزوقنا."


"ليه هو أنا اللي كنت بتخانق عشان دينا الحولة خانتني؟ تصدق بالله يا أخي؟ البت دينا دي بتفهم، قسمًا بالله أنا لو بنت ومرتبطة بيك كنت خونتك مع أول كلب بلدي يعدي من قدامي."


وقف هشام يصرخ على كليهما بعدما استنفد كامل صبره "ما تبس يا متخلف أنت وهو بدل ما أنادي على العسكري أقوله أنكم عايزين تهربوا بالمعالق!"


صمت كلاهما ونظرا لبعضهما شذرًا بينما وقف هشام في المنتصف يزمجر بنبرة حادة مسيطرة "مبدأيًا مافيش هروب، مش هينفع نهرب أصلًا عشان بدل ما هنكون لابسين قضية واحدة هنلبس إتنين، وبعدين معالق إيه اللي هتهربوا بيها يا معاتيه؟!"


رمى أدهم بالملعقة الصغيرة أرضًا وسخر "أصلًا أنا مش مشترك معاه في الخطة دي، أنا منسحب."


رفع قيس إحدى حاجبيه وأمال برأسه "بقى كدا؟ طب والله لأحفر لوحدي وأهرب، ماحدش فيكم هيهرب معايا، خليكم أنتوا أتحبسوا هنا، أنا ههرب وبابا هيجيبلي فيزا وهسافر برا البلد."


اقترب هشام منه وتمتم "عارف يا قيس، فيه رواية اسمها أرض زيكولا، التعامل فيها بوحدات الذكاء، وعهد الله أنت لو روحت هناك هتتعدم أول واحد."


"هتعدم ليه؟"


"ما هم بيعدموا أغبى واحد عشان يريحوا الكوكب منه، إن شاء الله تروح هناك قريب ويليك أدهم، معلقة إيه اللي هتهرب بيها يالا؟ هو أنت نو تفكير خالص؟ مافيش ذرة ذكاء توحد ربنا؟!!"


نفخ الهواء من فمه ورمى بالملعقة أرضًا ثم جلس بعيدًا يتمتم باستهزاء "خلاص أدينا قاعدين لما نشوف."


بينما جلس هشام مجددًا وهو يهمس لنفسه "الله يكون في عونك يا ليلى.".


كانت ليلى في غرفتها تحادث رحمة بضحكة عالية "قسمًا بالله زي ما بقولك كدا بالظبط، كانوا حابسينهم عشان يربوهم شوية وهيخرجوا بكرة."


لتجيبها الأخرى "أنتِ متأكدة إنهم عملوا كدا فعلًا؟!! أنا مش مصدقة إن هشام يعمل كدا بجد."


"ولا أنا ولا بابا وماما مصدقين، بس الأربعة اعترفوا على نفسهم ولولا حمايا وأبو صاحبهم كان زمانهم اتحبسوا فعلًا."


ضحكت رحمة وسخرت "شوفي وكان عامل فيها جود بوي ونضارة ودحيح وبتاع، ياما تحت السواهي دواهي."


"أنتِ مبسوطة؟! ده بابا مستحلفله، مستنيه يخرج بس، المشكلة إنه مش عارف يعمل إيه مع قيس كمان."


"تصدقي، تلاقي جوزك ده هو اللي وز أخوكِ يعمل كدا، هشام ما يعملش كدا من نفسه أبدًا، أكيد أصحاب السوء وزوه يشترك معاهم."


"عندك حق، هشام مايعملش كدا بس قيس يعمل بصراحة.".


في اليوم التالي صباحًا انفتح باب زنزانتهم ودخل اللواء رأفت يقول "قوم أنت وهو، إفراج."


نهض أربعتهم بدون تصديق عدا أحمد الذي كان يعرف أن هذا سيحدث عاجلًا أم آجلًا، اقترب أدهم من جده بملامح آملة "بجد يا جدي؟"


أعطاه رأفت ابتسامة صفراء وأومأ ثم قال بنبرة منخفضة "بس حسابك معايا لسه ما خلصش."


لينطق الآخر باندفاع "لا لا لا، أنا ماعنديش مانع إني أدخل كلية الشرطة خلاص."


"طب يلا أنت وأصحابك، دكتور مصطفى اتنازل عن المحضر.".


خرج أربعتهم من باب القسم ليواجهوا نور الشمس أخيرًا بعد غياب ثمانية أيام .. تنفس أحمد الصعداء وهو يستنشق ذلك الهواء الجديد مرة أخرى، في حين ابتسم قيس بتوسع وترجل أدهم كالطفل الصغير خلف جده، كان الوحيد الخائف بينهم هو هشام الذي تصنم في مكانه لا يعرف ماذا يفعل وأين يذهب؟


لاحظه أحمد فاستدار له "أنت واقف كدا ليه؟ يلا عشان نروح بيوتنا ولا أنت عجبتك قعدة الحبس؟"


"لا أنا مش عايز أرجع البيت .. أنا مش عارف هقول لبابا إيه،" أجاب بملامح بائسة وهو يبتلع لعابه فاقترب الآخر منه ووضع يده على كتفه "كدا كدا هترجع وكدا كدا لازم تشوفه، يلا أنا هآجي معاك وبعدين هرجع."


كان هشام سيعترض لكن الآخر لم يعطه الفرصة وسحبه معه متحدثًا "عادي، هتتهزق شوية؟ وماله، هيكدرك ويرخم عليك؟ مش هتستمر للأبد، دي فترة وهتعدي، هو هيهزقك دلوقتي وبعد كدا هيفضل مخاصمك شوية وبعدها هيصالحك تاني عادي، أنت ابنه من لحمه ومن دمه مش هيرميك يعني."


لكن أحمد بكلامه هذا قد جعل هشام يتوتر أكثر وتتسارع أنفاسه؛ فهو يخاف من أبيه فعلًا ولا يحب أن يتلقى التوبيخ منه، يشعر بأنه طفلٌ سيئ وسيتم معاقبته فور أن يصل للمنزل، وليس أنه رجلٌ بالغ لا يحق لأحدهم أن يكلمه بطريقة لا ترضيه.


استقلا سيارة أجرة بالنقود التي كانت قد أُخذت منهم قبل أن يدخلوا إلى الحبس واستردوها أثناء خروجهم، ووصلت السيارة إلى منزل هشام فربت أحمد على يده وحاول طمئنته "عادي، خد الموضوع عادي، هكلمك لما أرجع."


ابتلع الآخر لعابه وأومأ ثم نزل من السيارة وتحرك نحو منزله يقدم خطوة ويؤخر الأخرى حتى صعد بتثاقل إلى شقتهم، رفع يده بتردد ليرن جرس الباب لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة وقبض على يده وأخفضها بجانبه، ماذا سيخبر أبيه؟ لقد ضيعت حلمك أنت وأمي للأبد بان أكون دكتورًا في الجامعة؟ لقد كسرت آمالاكم إلى أشلاء؟


خارت قواه وجلس على السلم ليتكور حول نفسه ويضع رأسه بين ركبتيه قبل أن تترقرق عيناه مرة أخرى، لم يستفق إلا على حركة أمامه فرفع رأسه بسرعة ليصطدم بأبيه أمام وجهه ينظر له بصمت، مسح الدموع عن عينيه ونهض بخوف لا يعرف ماذا يقول .. كان أمين قد رق لمنظر ابنه والدموع في عينيه فلمعت عيناه بحنان الآباء واقترب منه يشده نحو عناق "حمد الله على السلامة."


لم يصدق هشام نفسه ودمعت عيناه من جديد وهمس له "أنا آسف يا بابا."


"مش وقته، أنت إيه اللي مقعدك على السلم؟ تعالى ادخل يلا عشان تاخد دش وتغير هدومك وتآكل، دي أمك عاملالك محشي مخصوص عشان عارفة إنك خارج النهاردة."


"أنت مش زعلان مني؟" تساءل بتردد فأخذ أبوه نفسًا عميقًا وأخرجه بهدوء وأجاب "حتى لو زعلان، مش وقته، ومش هنتكلم على السلم." ثم سحبه معه للداخل وأغلق الباب خلفه ليجد أخته تخرج من غرفتها فورًا وتهرول نحوه تحتضنه وتليها أمه التي تركت كل ما في يدها وخرجت من المطبخ بسرعة تحتضنه وتضع الكثير من القبلات على وجهه .. وحينها فقط تنفس الصعداء وتسللت ابتسامة خافتة إلى وجهه مجددًا.


"ابني حبيبي، حصلك إيه يا حبيب تيتا في السجن؟ كنت بتآكل كويس؟ حد عملك حاجة؟" استقبلته جدته بالأحضان وأمسكت بوجهه المرهق تتفحصه فرسم ملامح باكية كالأطفال على وجهه وصرخ "شوفتي يا تيتا جدو عمل فيا إيه؟ ده كان بيدخلي عدس حمضان!"


توسعت أعين جدته بذهول "إيه! يدخلك أكل حمضان؟ هو أتجنن ولا إيه الرجل ده! يعني ماكانش بيديلك الفراخ والمحشي اللي أنا كنت ببعتهوملك!"


"فراخ ومحشي؟ بقولك أكلني عدس حمضان!"


"طب تعالى يا حبيبي تعالى بس استريح وخد دش وغير هدومك وأنا هعملك كل الأكل اللي أنت بتحبه، ما تزعلش يا حبيب تيتا، ده أنا هعملك صينية مكرونة بشاميل تآكل صوابعك وراها."


كانت ملامح طفولية حزينة مرتسمة على وجهه وهو يخفض رأسه ببؤس كالجراوي عندما تحزن ثم أومأ وترجل لداخل غرفته ببطء، وقف ينظر لسريره وكل شيء كان قد ظن أنه فقده ثم حمد الله بداخله بأن هذا الموضوع قد انتهى على خير.


بينما أحمد قد وصل لمنزله فوجد مراد وغادة وأبيه وأمه في استقباله ..


"رد السجون وصل يا حارة،" قال أبيه محاولًا جعله يبتسم فاقترب الآخر منه واحتضنه متمتمًا "بابا وحشتني."


"ياض بقى تخطف مراة الدكتور من ورايا؟ طب كنت قولي كنت نصحتك،" ضربه في كتفه بينما مراد رمقه بأعين ضيقة "أنت بتهزر معاه يا بابا! ده كان احتمال يتحبس ومستقبله يضيع، ده بدل ما تزعقله؟!"


انتصب أحمد ونظر لأخيه قائلًا بضيق "مراد أنا مش محتاج حد يزعقلي عشان أعرف أنا هببت إيه، كفاية المرمطة اللي أنا أتمرمطتها في الحبس، ده أنا كلت عدس حمضان!"


أشفق عليه الآخر لكنه أكمل "أحسن، أصلًا لولا أبو قيس صاحبك وجد أدهم كان زمانك مسجون فعلًا، ده ربنا عالم بأمك وأبوك بس."


حاولت غادة التدخل وتهدئة الوضع وربتت على ظهر زوجها وهمست له "خلاص يا مراد، شكله تعبان ومش ناقص."


لكن الآخر قطب جبينه ورمقه بغضب "أنا بكلمك لمصلحتك، اتقي الله في أمك وأبوك شوية."


قلب أحمد عينيه ونظر لأمه وكأنه يقول لها: هل ترين ما يفعله ابنكِ؟


فابتلعت أمه لعابها واقتربت من مراد لتكلمه "خلاص يا مراد سيبه دلوقتي، مش وقته الكلام ده."


نظر لوجه أخيه المرهق وشعر بالندم يكتسيه خاصةً عندما رمقه أحمد بنظرة معاتبة ثم تركه وترجل نحو غرفته فوقف الآخر ينظر أمامه بحزن في حين وبخته زوجته "يا مراد حرام عليك ده جاي شكله متبهدل خالص!"


ورافقتها أمه "ماكنتش زعقتله دلوقتي يا ابني، أكيد هياخد على خاطره منك."


ثم تلاهما أبيه "ادخل كلمه، أنا عارف إنك بتزعقله عشان مصلحته بس ماكانش ينفع دلوقتي."


ابتلع مراد لعابه وحك عنقه ثم ترجل خلفه ليدخل إلى غرفته دون الطرق عليها، وجده يجلس على السرير وينظر أمامه بتيه فاقترب منه بتردد وجلس بجانبه ثم أحاط عنقه بيديه "ياض ده أنا خايف عليك، اوعى تكون مفكر إني قصدي أضايقك وخلاص، أنا لو كنت بزعقلك فبزعقلك عشان مصلحتك، لو أنت ما تهمنيش ماكنتش هسأل فيك وكنت هسيبك بدماغك تعمل اللي تعمله."


أشاح أحمد برأسه بعيدًا عنه لكن الآخر أكمل "لعلمك أنا ساعات بحس إنك مش أخويا الصغير، أنا ساعات بحس إنك ابني، فاكر لما كنا صغيرين ولما حد كان بيضربك ولا يعملك حاجة فكنت بنزل أتخانق معاهم؟"


أخفض أحمد رأسه فأضاف الآخر "طب لما كنت ببدل معاك ساندوتشات المربى باللانشون عشان أنت مابتحبش المربى؟"


ابتسم الآخر ونظر له أخيرًا ليسخر "أنت كنت بتذلني عشان توافق!"


ضحك وأجاب "بس كنت بوافق، ما أنا كان ممكن ما أوافقش على فكرة."


هز أحمد رأسه بنعم فابتسم مراد وتمتم له "خلاص ما تزعلش، بس والله أنت اللي استفزتني، تخيل كدا تبقى قاعد في أمان الله تلاقي أخوك وأصحابه خاطفين مراة الدكتور بتاعهم! بزمتك هتتعصب ولا لا؟"


ضحك أحمد ورفع يده يحك ذقنه ولم يجيبه فنهض مراد وحمحم "عمومًا أنا هسيبك ترتاح شوية وتاخد دش وتنام دلوقتي وبعدين نتكلم."


أوقفه أحمد قائلًا "مراد .." ثم حمحم وأكمل "أنا عايز حاجة."


"عايز صابونة؟"


"صابونة إيه يا مراد! لا .. أنا عايز حاجة تانية وغلاوة أمك ما تقولش لا، أنا عارف إنه مش وقته بس أوعدك إن لو ده حصل والله هكون إنسان جديد ومش هعمل أي حاجة تضايقك وتضايق بابا وماما تاني."


قطي مراد جبينه وضيق عينيه ثم شبك يديه أمام صدره وكأنه يحاول توقع ما هو قادم بينما ابتلع أحمد لعابه وخرج صوته مبحوحًا "عايز أخطب داليا."


اغمض أخيه عينيه بحنق ومس من تحت سنانه "شوفت بقى إنك عيل مستفز ومهزق وأنت اللي بتخليني اتعصب عليك؟ ياض أنت ماعندكش دم يالا؟ أنت لسه خارج من السجن بقالك نص ساعة وبتفكر في البنات؟!"


"ما أنا خرجت وخلاص، وبعدين أنا مش محتاج منكم أي حاجة أنا معايا تمن دبلة وخاتم نعمل بيهم خطوبة صغيرة وبعدين ربنا يسهلها."


قلب مراد عينيه ورمقه بغضب "شوفت إنك عيل عبيط تاني؟ أنت عارف إني هساعدك وإني مش بكلمك عشان كدا ولو عليا عايز أجوزك، بس أنت لسه ما اتنيلتش أتخرجت ومستقبلك مش باينله ملامح، نروح نقول لأهلها إيه؟!"


"لا ما هي بتحبني ومامتها بتحبني وأخوها الصغير كمان بيحبني، وبعدين هي لسه بتتعالج يعني قدامها وقت، مش هنتجوز دلوقتي بس عايز أخطبها عشان أنا كلمت خالها وعشان ما تفتكرنيش بألعب بيها زي باقي البنات وعشان تبقى اتدبست وخلاص عشان أنا قلقان منها."


قطب مراد جبينه واستوقفته جملة "بتتعالج" فسأل "بتتعالج؟! بتتعالج من إيه؟"


"قصة طويلة بس عمومًا صدقني أهلها هيوافقوا عليا، أنا وأمها أصحاب."


"اتنيل استحمى بس وأتخمد شوية وبعدين نشوف الموضوع ده،" قال فأومأ الآخر بابتسامة وشاهد أخيه يخرج من غرفته فتمدد براحة على سريره من جديد وسرعان ما أخرج هاتفه بسرعة يتفحصه وهو يتمتم "موبايلي حبيبي.." لأنهم قد أخذوه منه بعد أن حصل على مكالمته مع مراد.


دخل مراد إلى غرفته فوجد غادة عابسة الوجه ولا تنظر له فقطب جبينه ورمقها بدون فهم "مالك؟"


"مافيش."


"غادة لو سمحتِ أنتِ عارفة إن الأسلوب ده مش هينفع معايا، قولي مالك وانجزي."


"هو أنت بجد هتروح تخطب لأخوك بفلوسك؟ هو أنت مالك يعني هو عايز يخطب ولا يتجوز! أنت جايلك ابن أو بنت في السكة والمفروض تأمنلهم مستقبلهم مش تبعترها يمين وشمال."


تجهمت ملامح وجهه ثم أمال برأسه ليرمقها بضيق "أنتِ كنتِ بتتصنتي علينا؟!"


"لا، أنا كنت معدية داخلة اوضتك فسمعت كلامكم بالصدفة وحبيت أعقلك، أنت عندك مسؤوليات وليك ابن جاي في السكة والمفروض تحطه في دماغك قبل ما تعمل حاجة."


"طيب بصي يا غادة، أولًا وقبل كل شيء خليكِ عارفة إني مش محتاج حد يقولي إيه المسؤوليات اللي عليا، لا أنتِ ولا غيرك، أنا ابني أو بنتي هعيشه كويس ومش هيكون ناقصه أي حاجة بإذن الله سواء وأنا عايش أو وأنا ميت، ثانيًا بقى يا بنت الحلال علاقتي بأهلي خط أحمر، مالكيش دعوة باديهم إيه أو هما بيدوني إيه .. حاجة ماتخصكيش خالص، ثالثًا أحمد ده اعتبريه كدا ابني الصغير مش أخويا وحطي الكلام ده في دماغك، أحمد ده لما أتولد أنا كنت بشيله وبأكله وساعات بغيرله هدومه."


شعرت بالضيق وأخفضت رأسها لأنها لم تجد شيئًا تقوله لكنها فوجئت به يقترب ليجلس بجانبها وابتسم "حبيبتي دول أهلي، أنا عارف إن عيلتك كانت محصورة في مامتك بس، بس شعور العيلة مختلف عن كدا، إحنا كلنا بنضحي عشان بعض واللي عنده بيدي اللي ماعندوش، وإحنا معتبرينك دلوقتي فرد من العيلة دي، ماما كان نفسها في بنت وما صدقت اتجوزت عشان تحس إن ليها بنت، وكمان لما عرفت إنك حامل أديكِ شايفة بتعمل معاكِ إيه من ساعة ما جينا قعدنا معاها، لا عايزاكِ تقومي ولا تعملي حاجة وقاعدة تأكلك أكلنا أصلًا .. فممكن تعامليهم كعيلتك زي ما هما شايفينك فرد من العيلة دلوقتي؟"


"أنا آسفة،" تمتمت دون أن ترفع عينيها وأكملت "ما كانش قصدي."


"عادي خلاص ماحصلش حاجة، بالمناسبة مامتك اتصلت وطلبت مني نروح نبات عندها أسبوع، جهزي لبس ويلا."


توسعت عينيها ورفعتها بدون تصديق "بجد؟"


"أيوة، مش قعدنا عند ماما أسبوع، نقعد عند مامتك أسبوع كمان عشان ما تزعلش ونونسها شوية لحد ما نسافر."


ضحكت وسارعت باحتضانه كطفلة صغيرة فابتسم وعانقها هو الآخر أثناء ضحكاته "طب بالراحة بس عشان النونو."


"أنا عايزة نونو شبهك، لازم يجي شبهك،" قالت وطبعت قبلة على وجنته فضحك "ولو ماجاش شبهي هترجعيه يعني؟!"


"لا لا، هيطلع شبهك، أنا قرأت إن لو الست بتحب جوزها ابنها بيجي شبهه."


"طب أهو يجي سلبوتة أحسن ما يضرب العيال في الشارع،" ضحك فضربته على كتفه وقهقهت "تخيل لو طلع زي عمه .. يا ختاااي."


"لا ده فيلم رعب ده، بلاش، كفاية واحد .. مش هستحمل اتنين من نفس العينة."


"تعرف إن أخوك عاكسني قبل كدا، مش عارفة قالك ولا لا بس أنا كنت هفرج عليه أمة لا إله إلا الله."


"تفرجي أمة لا إله إلا الله؟ ده هو أصلًا عاكس أمة لا إله إلا الله،" مزح فسقطت بظهرها على السرير من كثرة الضحك وأمسكت ببطنها فقضم شفتيه وتأملها قليلًا وهي تضحك حتى انتبهت له وحمحمت وهي تخفض ضحكاتها لكن ابتسامة بسيطة بقيت على شفتيها


"مراد،" همست له فاقترب "عيون مراد."


"أنا بحبك،" قالت وهي ترفع يدها لتلمس شعره ثم نظرت إلى رزقاوتيه وأكملت " ما تزعلش مني."


ابتسم وأومأ "مش زعلان." ثم طبع قبلة لطيفة على وجنتها ونهض يتمتم "خليكِ أنتِ، أنت هحضر الهدوم.".


كان قيس قد وصل إلى منزله ليجد أمه تجلس في الصالة تعبث بهاتفها كعادتها، ظن أنها لن تهتم لكنا ابتسمت فور رؤيته وأغلقت هاتفها ونهضت له بسرعة "حمد الله على سلامتك."


"الله يسلمك يا ماما،" ابتسم بالمقابل فربتت على كتفه وقالت "أم كريم مجهزالك الحمام، يلا ادخل خد دش وانزل عشان تآكل."


لم يكن يشعر بلهفتها عليه لكن هو كان يتوقع هذا على أية حال، ترجل بهدوء نحو السلم لكنه توقف واستدار لها "هو أنتِ جد أدهم كلمك وقالك إني جاي؟"


"لا، أنا عارفة إنك هتخرج النهاردة بقالي أسبوع، هو لولا كدا كنت أنا وأبوك سكتنا؟ ده أبوك دافعلك يجي ربع مليون جنيه عشان يخرجك،" أجابت فقطب جبينه وعاد إليها ليستفهم "دفعهم لمين؟" لتبدأ أمه بسرد كل شيء له وحينها فقط صك على فكيه بغيظ "يعني دكتور مصطفى متنازل بقاله أسبوع أصلًا!"


أومأت أمه وأكملت "هو كان يقدر ما يتنازلش؟ طب والله لو ما كان أتنازل أنا كنت كلمت أونكل سعد باشا وهو كان هيتصرف معاه."


ضحك قيس وحك عنقه "مش أونكل سعد ده اللي أنتِ بتكرهيه؟"


"أيوة بس كنت هتنازل وأكلمه وإن ليك عند الكلب حاجة بقى، ما أنا ماكنتش هسمح إنك تتحبس."


ابتسم ومازحها "إيه يا لُبنى هانم الأمثال البيئة دي؟ لالالا، ده أنتِ السجن غيرك خالص."


توسعت عينيها ولكمته وهي تحاول عدم الضحك "ولد!"


ضحك ونهضت يتأفف من ملابسه "أنا لازم أستحمى."


كان سيتحرك لكنها أوقفته "ليلى كانت بتتصل بيا كل يوم، البنت كانت قلقانة عليك خالص، ابقى كلمها بقى."


اتسعت ابتسامته وأومأ ثم هرول للأعلى بحماس.


في اليوم التالي كان أحمد يقف في المكان الذي اتفقا أن يتقابلا فيه هو وداليا حتى وجدها تقترب منه بابتسامة عريضة وقبل أن يتكلم رفعت يديها بحقيبة بلاستيكية سوداء وهي تحاول عدم الضحك


"دي بمناسبة خروجك من السجن."


"جايبالي عيش وحلاوة صح؟ قولي إنه عيش وحلاوة،" سخر وهو يلتقط الحقيبة ليرى ما فيها ثم أخرج يده ببخاخة بلاستيكية بيضاء .. لم يفهم ما هي في البداية حتى قرأ ما قد كُتب عليها [بخاخ لقتل القمل والحشرات]


توسعت عينيه ونظر لها بابتسامة مصدومة ثم رفع إحدى حاجبيه وهددها "بقى كدا؟!"


"احتياطي يعني عشان لو فيه حاجة كدا ولا كدا لقطتها من السجن نلحقها من الأول،" ضحكت فضحك واقترب منها مضيقًا عيناه "تعرفي إني عمري ما ضربت بنت، بس شكلي هعملها."


تراجعت للخلف فسرع خطواته ليجدها قد بدأت بالجري وهي تضحك وتصيح "يا ابني ما أنت شعرك حلو ومغري للحاجات دي."


هرول خلفها وهو يضحك "ربنا يكرمك والله بس برضه هضربك."


كانت قد تعبت من الجري ووقفت تأخذ أنفاسها عندما لحق بها واقترب بابتسامة ماكرة "أعمل فيكِ إيه ها؟"


"لا أنت طيب مش هتعمل حاجة .." ضحكت وهي تتراجع للخلف فضحك "أتثبتت أنا كدا يعني؟! وبعدين شعري ده هحلقهولك زيرو عشان أنا حاسس إن عينك عليه بقالك مدة."


"لا أنا عيني على رموشك بصراحة، رموشك جامدة."


"رموشي جامدة؟ لا أنتِ أخلاقك باظت خالص،" ضحك فقهقهت ورفعت كتفيها "ما أنا بتعالج!"


"هما اللي بيتعالجوا أخلاقهم بتبوظ كدا؟ حلو قوي الكلام ده، خليكِ ماشية مع الدكتورة دي سنتين تلاتة بقى."


ضحكت وحمحمت "بعيدًا عن الهزار، حمد الله على السلامة."


توقف عن الضحك هو الآخر وهمس لها "بعيدًا عن كل حاجة، وحشتيني." ليجدها ترتبك وتفرك يديها بتوتر بابتسامة خافتة وتردف بنبرة منخفضة "وأنت كمان.".


وصلت عائلة رحمة في لمنزل هشام كي يسلموا عليه ويؤدوا الواجب تجاه خطيب ابنتهم كان هشام يجلس في الصالة عندما رن جرس الباب وفتحت أخته لرحمة التي دخلت تحييه ثم تلاه ابيها وعائلتها الصغيرة التي أتت للإطمئنان عليه


جلست رحمة على الكرسي الذي بجانبه بينما ربت أبيها على فخذه "حمد الله على السلامة."


"الله يسلمك يا عمي،" أجاب بابتسامة بسيطة بينما أجاب أباه "ده كان سوء تفاهم والحمد لله أبو قيس اتدخل وحل الموضوع."


ثم انشغلوا جميعًا بالحديث حتى حرك عينيه لرحمة التي ابتسمت ابتسامة ماكرة وهمست له "أيوة بقى الشبح اللي دخل السجن، طلعت باد بوي على تقيل يا لئيم."


رمقها بغيظ وزمجر "لمي نفسك أنا لا باد بوي ولا زفت وبعدين ما دخلتش سجون أنا، ده كانوا كام يوم وخلاص."


"طلعلي موس من بوقك يلا، ما أنت السجن قوى قلبك،" استفزته فنظر أمامه وتمتم "لا حول ولا قوة إلا بالله!"


ضحكت وراقبته ينظر أمامه بضيق طفولي حتى بسبست له كالقطط فرمقها بطرف عينيه "نعم؟"


"حمد الله على السلامة أنا كنت بهزر معاك."


ابتسم وسخر "ما أنا عارف إنك رخمة."


"إلا قولي، أنت خطفت مراة الدكتور فعلا صح؟ عشان أبوك قال إنه سوء تفاهم بس ليلى قالتلي إنكم عملتوها فعلًا."


نظر لها بطرف عينيه ليجدها تسأل بحماس شديد وعينيها لامعة ثم شبك يديه أمام صدره "نفرض إننا عملناها، إيه الممتع أوي في كدا؟!"


"أصلي نفسي من زمان اتخطف، ما تخطفني يا أسطا بما إنك بقيت مسجل خطر خلاص."


أخذ نفسًا عميقًا وتمتم "حوقلي يا رحمة، حوقلي واتقي الله."


"أحوقل؟ إيه أحوقل دي؟!"


"يعني غبية وعبيطة وكمان جاهلة! تصدقي بالله؟"


"لا إله إلا الله."


"أنا بجوازي منك هعمل جميلة في عيلتك وأبوكِ وأمكِ، وهبتلي نفسي."


"يا عم اجري، مش كفاية هتجوز مُجرم!".


أستأذنت ليلى منهم بعد فترة ونهضت تعدل من حجابها "هستأذنكم يا جماعة عشان قيس مستنيني تحت، رايحين مشوار كدا." فأومأ الجميع لها وراقبوها تترجل للخارج.


وجدت قيس بسيارته أسفل منزلها ففتحت بابها ودخل تجلس بجانبه فأنطلق في طريقه هذا حتى بدأ بجذب بعض المحادثات معها وانتهى بها الأمر تفتح موضوع خطف زوجة الدكتور وتنطق بأعين متوسعة "أنا بجد مش قادرة أصدق إنك خطفت مرات الدكتور! يعني هو أنت كان في دماغك إيه وأنت بتعمل كدا؟"


"ثواني بس كدا .. أنا ماعملتش كدا لوحدي، أخوكِ كان معانا."


"ما هو من ساعة ما صاحبك وهو باظ،" سخرت وأشاحت بوجهها بعيدًا فرمقها بنظرة ماكرة وتمتم "عقبالك إن شاء الله وهيبقى على إيدي برضه."


"هو إيه ده اللي هيبقى على إيدك؟"


"بوظانك، بوظانك على إيدي، وبعدين نتوسع في النشاط ونبوظ حمايا وحماتي بقى عشان تبقى العيلة كلها باظت،" ضحك وضرب بكفيه معًا فنظرت له بغيظ "هو أنت بجد ليك نفس تضحك وتهزر!"


"آه ليا، وبعدين سيبك من كل ده، وحشتيني .. كنتِ في خيالي طول الوقت وقاعد بفكر إن لولا كل ده كان زماننا متجوزين ومستفرد بيكِ."


شعرت بالحرارة في وجهها فورًا وأخفضت رأسها لتحمحم "ما .. ما هو .. الفرح الأسبوع الجاي، عمو قال كدا."


"ما نعمله دلوقتي أحسن،" همس وهو يقترب منها فجف حلقها وتراجعت بجسدها حتى ألصقت ظهرها في الباب ونظرت لقيس برعب "إيه؟!"


علق عينيه على شفتيها وضحك "إيه؟ مش هعملك حاجة ماتخافيش، بوسة صغيرة بس لحد الأسبوع الجاي ..".


ابتعد عنها عندما سمع طرقًا عاليًا على زجاج نافذته، مسح شفتيه واستدار ليجد أحد رجال الشرطة في وجهه ويصيح "فعل فاضح في الطريق العام!"


"وربنا ما فعل فاضح، دي مراتي على سنة الله ورسوله،" قال وهو يخفض زجاج النافذة فمد الضابط يده له "بطاقتك وبطاقتها عشان نشوف مراتك ولا مش مراتك."


"ما هي حضرتك إحنا لسه كاتبين الكتاب من كام أسبوع، مالحقناش نغير البطايق."


"يبقى نروح القسم ونعمل محضر ونتأكد هي مراتك فعلًا ولا مراتك كدا وكدا."


حرك قيس عينيه لليلى التي كانت الدموع قد تجمعت في عينيها ولم تلبث أن بكت فاقترب منها ليهدئها "حبيبتي ما تخافيش، هتصل بهشام يجيب القسيمة."


هلعت الأخرى وأمسكت بيديه "لا، هشام لا .. هشام لو عرف هيموتني."


كان على وشك التكلم لكن الشرطي لم يمهله وصاح من جديد "انزلي أنت وهي.".


كانا قد تم أخذهم لقسم الدقي من جديد وتحديدًا ذلك القسم الذي خرج منه بالأمس، تم ادخالهما إلى مكتب أيمن الذي رفع رأسه فاصطدم بقيس أمام عينيه


"الله يخربيتك! يا ابني أنت مش لسه خارج إمبارح! هو السجن لحق يوحشك للدرجة دي يعني؟! ولا أنا ما وراييش غيرك ولا إيه!"


قلب عينيه ونطق بحدة "حضرتك أنا عايز اعمل مكالمة بس وهتتأكد إن المرة دي سوء تفاهم مش أكتر."


أشار له أيمن بأن يتصل بمن شاء، ثم علق عينيه على ليلى التي تبدو خائفة بشدة وترتجف في مكانها وهي تمسك بسترة قيس كالطفل الضائع


"وأنتِ شكلك محترم، إيه اللي يمشيكِ مع البني آدم ده؟" خاطبها أيمن فقطبت جبينها بغضب لإتهامه لها في شرفها وزمجرت "أنا مش ماشية مع حد، ده جوزي!"


بينما كان قيس قد اتصل بوالده الذي أجابه "أيوة."


"بابا، أنا عايز أقولك على حاجة بس عايزك تمسك نفسك الأول وتتمالك أعصابك وأرجو إنك تتفهم الموقف."


صمت والده بانتظار المزيد فأكمل "أنا في القسم."


سمع الصمت من الجهة الأخرى حتى ظن أن والده لم يسمعه فكرر "بابا، أنت هنا؟ بقولك أنا في القسم."


"ربنا ياخدك، يا أخي ربنا ياخدك ويخلصني منك، يا ابني حرام عليك، اتقي الله فيا أنا بقيت رجل كبير وصحتي على قدي، أنا تعبت من كتر ما بروح الأقسام!"


"لو سمحت يا بابا المرة دي أنا مظلوم، دول مسكوني أنا وليلى وقال إيه فعل فاضح في الطريق العام، مع إننا ماكناش في طريق عام أصلًا إحنا كنا في العربية ومافيش حاجة اسمها فعل فاضح في العربية في القانون، وبعدين قولتلهم مراتي مش مصدقين، فبعد إذنك تيجي وتجيب قسيمة الجواز معاك."


"حتى مراتك المحترمة راحت القسم بسببك!"


"يا بابا مش وقته دلوقتي، أنا مستنيك، هات القسيمة وتعالى،" أنهى المكالمة ووضع الهاتف في جيبه ثم نظر لأيمن وتمتم "هو جاي بالقسيمة."


"هي مراتك فعلًا؟" تساءل أيمن وهو ينظر لليلى التي وبخمارها وهيئتها لا تبدو إطلاقًا كفتاة من فتيات الشوارع


"أيوة مراتي،" قال ونظر لليلى فوجدها قد بدأت تبكي مجددًا فاقترب ليحتضنها "ششش، أنا آسف .. حقك عليا، ما تعيطيش، بابا هيجي دلوقتي."


غرست وجهها في صدره وكأنها تختبئ فيه من نظرات أيمن والعساكر لها رغم أنه من تسبب بجلبها لهذا الموقف بالأصل لكنها لم تستطع سوا الإحتماء به من الجميع


شدد قيس على عناقها وطبع قبلة على رأسها من الأعلى قلب أيمن عينيه ونظر بعيدًا ولم يعترض على ما يحدث لأن بداخله ذلك الشعور الذي يخبره بأن الفتاة زوجته فعلًا؛ فهيئتها لا تدل إطلاقًا على شيءٍ غير هذا، وتصرفاته معها أيضًا لا تدل على أنها فتاة من الفتيات اللاتي يمكن أن يكون يلهو معهن، بل هو يرى الخوف والاحترام في عينيه نحوها.


ارتعشت ليلى بين يديه فهمس لها مطمئنًا "حبيبتي كفاية عياط، كلها نص ساعة وهنخرج من هنا وكأن مافيش حاجة حصلت، أنتِ مراتي على سنة الله ورسوله."


ولم يكن مخطئًا عندما قال هذا؛ فخلال نصف ساعة فقط كان والده قد قدم بقسيمة زواجه وتم تقطيع المحضر بالكامل.


آثر قيس ترك أبيه والذهاب بسيارته مع ليلى ليوصلها حتى يستطيع الحديث معها وتهدئتها من جديد فقاد إلى مكانٍ هادئ ثم أوقف السيارة واستدار لها


"حبيبتي ماتزعليش، أنا عارف إني غلطان بس أنتِ كنتِ وحشاني، وبعدين أنا هسيب بعد كدا صورة من القسيمة معايا هنا في العربية."


توسعت عينيها وصرخت "نعم! أنت ناوي تعمل كدا تاني!!!"


تراجع وحمحم "لا مش قصدي .."


"روحني، قيس روحني ومش عايزة أشوف وشك لحد الفرح بجد.".


في مكانٍ آخر كان أدهم يجلس أمام حاسوبه وقد فتحه للتو .. يفتقد الجلوس عليه ولعب ألعابه الإلكترونية مع أصدقائه على الإنترنت بشدة، ولم يضيع الكثير من الوقت قبل أن يفتح إحدى الألعاب ويلج إليها واضعًا سماعة الرأس على أذنيه، ولحظه دخل ليجد إحدى صديقاته التي تلعب معه نشطة فظهرت رسالة منها على شاشته فورًا


من Yona [أنت مختفي فين كدا بقالك أسبوع؟]


نقر بضحكة ساخرة على لوحة المفاتيح [كنت في السجن.]


من Yona [المفروض أضحك؟ بكلمك بجد كنت فين؟]


[لا بجد كنت في السجن!]


من Yona [تصدق إنك رخم! خلاص مش عايزة أعرف، المهم تيجي جيم؟]


[هقولك أنا كنت فين لما تريحيني وتقوليلي اسمك الحقيقي إيه؟ أنا بتحايل عليكِ بقالي أربع شهور!]


جاءه الصمت لفترة قبل أن تظهر رسالة منها [يُمنى، كنت فين؟]


قهقه عاليًا وكتب [وربنا كنت في السجن.]


ارتسمت ابتسامة خافتة على فم الفتاة التي تنظر للشاشة من مكانٍ آخر بعيدًا بشدة عنه ونقرت [نفترض إني صدقتك، روحت السجن ليه؟]


لتظهر رسالته فورًا على شاشتها


من black bunny [خطفت مراة الدكتور بتاعي أنا وتلاتة صحابي.]


قطبت جبينها وظنته يتلاعب بها فنقرت بسرعة [والله أنت رخم وأنا مش مصدقة إنك تعمل حاجة زي كدا.]


ضحك وكتب [إشمعنى؟]


[عادي مش حاساك تعمل كدا، أنت بيور.]


ابتسمت ابتسامة خافتة ونقر بتردد [شكرًا، عادي كنت مشغول شوية بس .. بالمناسبة ... اسمك حلو جدًا وأنا مبسوط إني عرفت اسمك أخيرًا.].


______________________


البارت الجاي بنسبة كبيرة هو البارت الأخير

Admin
Admin