الفصل 1 - رواية الحب للأغبياء - فاطمة عبد ربه

1- وغدٌ في هيئة إنسان

الفصل 1 - رواية الحب للأغبياء - فاطمة عبد ربه

"أستاذ آسر، دي استقالتي وياريت حضرتك تمضيلي عليها،" تقدم ذلك الشاب ووضع تلك الورقة أمام مكتبه فعقد آسر حاجبيه الكثيفين وهو يلتقطها بإهمال لينظر لها مطولًا ثم وضعها جانبًا والتقط قلمًا بهدوء ليوقع عليها في وسط مشاهدة مندهشة من قبل الشاب الذي لم يظن أن  الأمر سينتهي حقًا بتلك السهولة!

"حضرتك مش هتسألني عايز أستقيل ليه؟" نطق الشاب باندفاع وبضيق لشعوره بأنه تم التخلي عنه بتلك البساطة!

"لا،" أجاب آسر وكأنه يحاول إنهاء ذلك الموقف بأقل الخسائر لكن الغضب اشتعل في الشاب وصاح بغيظ "لا بقى لازم تعرف."

قلب آسر عينيه مستعدًا لسماع بعض الأشياء السيئة التي ستقال عنه الآن والتي -بالمناسبة- يعرفها جيدًا لأنها قيلت له من عشرة موظفين قبل هذا الشاب.

"حضرتك شخص متغطرس وأناني ومعدوم الذوق والشعور وكل اللي يهمك في الحياة أنت وشغلك وشركتك الغبية وأنا عمري ما حد عاملني بالأسلوب ده في حياتي وماتتوقعش إن فيه أي رجل محترم خلقه ربنا هيقبل يكمل كسكرتير لجنابك، ده حتى مافيش ست هترضى تكمل معاك من قرفك وضغطك، أنت الحل الوحيد عشان تلاقيلك حد يكمل في البهدلة دي إنك تكون ماسك عليه حاجة .. وبما إنك مش ماسك عليا حاجة فتسمحلي أقولك طز فيك وفي شغلك وفي شركتك وفي الخطة بتاعتك ولعلمك بقى .. أنا جربتها مع واحدة وفشلت."

رمى الشاب بكلماته التي كان يكبتها كثيرًا بداخله وتحرك بعيدًا وهو يشعر بكل أثقال العالم تقع عن عاتقه أخيرًا، ليترك الآخر ينفخ الهواء من فمه بضيق وهو ينظر نحو شرفته ويفكر (أين سيجد مرمطونًا جديدًا في هيئة سكرتير الآن؟)

نهض عن مكتبه ليقف أمام شرفته بتفكير، هذا عاشر سكرتير يرحل بتلك الطريقة! وهو لا يفهم لماذا يفعلون هذا؟ ما المشكلة لو ضغطهم في الشغل قليلًا، إنهم يأخذون مقابل هذا كنقود ينعمون بها! لذا ما المشكلة لو جعلهم يتحركون على هواه وكما يريد بالحرف، لا يتحركون من مكانهم إلا بإذنه، ولا يأخذون إلا نصف ساعة كراحة، وما المشكلة في كونه عصبي ومتغطرس قليلًا؟ هذه طبيعة عملهم على أية حال!

نظر في ساعته الكلاسيكية الفضية ليجدها الواحدة عصرًا، هذا ميعاد محاضرته التالية مع المجموعة الجديدة، كان يجب على سكرتيره الغبي أن يأتي ويحمل عنه حقيبته لكنه الآن مضطرًا لحملها بنفسه، وهذا جعله يتحرك على مضض ليخرج بعض الأوراق من مكتبه ويضعها في حقيبته ثم يعدل من هندام ربطة عنقه ويتحرك بأنفٍ مرفوع إلى الخارج -وكأنه لا يهتم- ثم سرعان ما خرج وصفع الباب خلفه.

وصل إلى قاعة المحاضرات التي يتواجد فيها بالكثير خمسة عشرة فردًا، فهو لا يزيد عن ذلك الحد في كل مجموعة، كي يتم الأمر على أكمل وجه، فكلما قل عدد الرجال في المجموعة كلما نجح هو وفريقه في إنجاح علاقة كل فرد في هذه المجموعة.

رسم تلك الابتسامة الواثقة على وجهه ثم دخل كما يدخل الأسد إلى عرينه، وفورًا انتبه له الجميع وطالعوه بشيء من الفضول والدهشة.

ترك حقيبته على المكتب وصعد إلى تلك المنصة العالية التي يقف عليها وبجانبه السبورة البيضاء التي يكتب عليها، وسرعان ما ابتسم من جديد وبدأ بالتحدث

"بعضكم جاي هنا عشان بيحب واحدة ومش عارف يعلقها، وبعضكم جاي عشان هو في علاقة مع واحدة ومش عارف ينجحها، وبعضكم جاي عشان عايز يجرب يدخل في علاقة مع واحدة .. والشيء الأكيد إن كلكم عندكم أمل تبقوا شخص أفضل مع الستات."

استدار نحو السبورة والتقط قلمًا وخط عليه (من هن النساء حقًا؟)

ثم أردف "قبل ما تحاول تتصادم مع عدوك، لازم تعرفه الأول."

"تقدروا تقولولي، مين هما الستات من وجهة نظركم؟"

وكعادة أي محاضرة نظر الجميع لبعضهم بعضًا أولًا منتظرين المبادر الذي سيأخذ الخطوة الأولى، ولم ينتظروا كثيرًا قبل أن يرفع ذلك الشاب الأسمر يده وينهض ليجيب بشغف

"أنا بشوف البنات كائن لطيف كدا وطيب وبيقدر يحتوينا ويحسسنا بالحنان والراحة، وبشوفهم غلبانين بس مش عارفين هما عايزين إيه، ومش بشوفهم كأعداء، بالعكس أنا بشوف إن إحنا وهما المفروض نكون متوائمين سوا عشان نقدر نكمل في الحياة، لأننا مانقدرش نعيش من غيرهم وهما كمان مايقدروش يعيشوا من غيرنا."

ظهرت ابتسامة مريبة على وجه آسر الذي بدا وكأنه أدرك لتوه من سيكون العضو الأصعب في هذه المجموعة، وهذه هي العادة، إنه يسأل بعض الأسئلة ومنها يستنتج من أكثر رجل سيتعبه في هذه الدورة، وعلى ما يبدو أنه قد وجده الآن

"ممكن تعرفنا بنفسك؟" سأل فابتسم الشاب وأجاب "اسمي مازن، مهندس برمجيات، عندي ٢٥ سنة."

"مرتبط؟"

نفى الشاب برأسه ورفع يده ليحك عنقه "بس عايز، وعشان كدا سجلت في الدورة."

"فيه بنت معينة معجب بيها؟"

"أيوة، فيه،" أجاب بأعين لامعة فرفع آسر يده ليحك جبهته، هذا هو بالتأكيد العضو الأصعب في هذه الدورة .. هو أصبح متأكدًا من هذا، إنه يبدو طيب القلب، ويحب إحداهن، ويرى النساء بنظرة ملائكية، وشكله ليس بالوسيم، إنه أسمر اللون، متوسط الطول، ذو شعر قصير ولحية خفيفة، لكن أكثر ما يميز مظهره هو أن الطيبة فعليًا ستقفز من وجهه ... الأمور ستصبح أصعب بكثير لهذا الرجل.

ابتسم آسر له ابتسامة تبدو مزيفة وقال "تمام يا مازن، اتشرفنا بوجودك معانا." ثم استدار إلى السبورة وهو يقسم بداخله أن هذا الرجل يجب أن يتغير وأن تلك الفتاة التي يحبها يجب أن تقع في شراكه وهو لن يهدأ قبل أن يفعل هذا.

جلس الآخر وهو يبتلع لعابه بتوتر، ترى هل سيكون الأمر مجديًا حقًا أم أنه يضيع وقته وأمواله بلا فائدة؟ .. لكن على كل حال، هي تستحق أن يحاول من أجلها، ما لم يستطع فهمه هو النظرة الغريبة على وجه آسر نحوه عندما استدار مجددًا.

حرك آسر عينيه عن الرجل ووجه بصره للجمهور وهو يغلق القلم بعد أن كتب على السبورة (النساء)

"ببساطة كدا الأنثى كائن أقل منزلة مننا، يعني إيه؟ يعني لازم تفرض سيطرتك عليه ولو ماعملتش كدا هتروح تشوف واحد يقدر يفرض سيطرته عليها، لذلك في محاضرتنا النهاردة هقولك إيه المداخل اللي تقدر بيها تسيطر على الأنثى."

استدار للسبورة وكتب (١- الكلام، ٢- الفلوس، ٣- مبدأ الثواب والعقاب.)

ثم حرك جسده لهم وابتسم "ثلاث نقط، لو طبقتهم صح هتبقى تحت سيطرتك بالكامل.".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقالي فترة بصارع عشان أخد الخطوة دي، عارفة إن البارت صغير بس نعتبرها بداية ❤️

بدأت أكتب فيها وبدبس نفسي بالعافية.
Admin
Admin